أفرزت مقاطع مسربة من فيلم "الزين اللي فيك" للمخرج المغربي نبيل عيوش، ضجة ضخمة في المغرب، زاد من قوة صداها قرار منعه من العرض في البلاد من قبل الحكومة المغربية، التي يقودها حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي، وهو ما ولد نقاشا صاخبا بشأن الإبداع السينمائي وحدوده، وأعاد الصراع إلى الساحة السياسية والإعلامية بين صفين يحملان مشروعين مجتمعيين مختلفين.
فجر فيلم "الزين اللي فيك" للمخرج نبيل عيوش قنبلة من العيار الثقيل في المغرب، اتخذت أبعادا لم تكن متوقعة حتى من المخرج نفسه، بحسب أحد تصريحاته الصحفية. وتتواصل الانتقادات المتضاربة بشأنه بحدة خاصة بعد أن أعلنت وزارة الاتصال في بيان لها منعه من العرض في القاعات المغربية.
وظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من الصفحات والحسابات تدعو إلى منعه، مشيدة بعملية حظره وفي الكثير من الحالات الأخرى بنوع من التشفي في صاحب الفيلم وفي من دعموه من الداخل لأجل عرضه في المغرب. وحاولت تعليقات أن تقدم الصراع بخصوص الفيلم على أنه قديم-جديد يدور بين حداثيين وعلمانيين من جهة ومحافظين من جهة ثانية، حول أسئلة ثقافية ومجتمعية مصيرية كحرية الإبداع ودور المرأة في المجتمع وغيرها.
ونقرأ على حساب على فيس بوك، تحت اسم "كلنا نبيل عيوش"، أن "ليس من حق أي شخص أو مؤسسة ممارسة الرقابة على الإبداع لأنه أداة لمعالجة كل الإشكاليات التي يعيشها مجتمعنا المغربي". وعرض الحساب أن هناك إمكانية لبث الفيلم على يوتيوب بعد عرضه في القاعات الفرنسية اعتبارا من الجمعة، فيما دعا حساب آخر ضد الفيلم إلى تجنب مشاهدته لأنه سيزيد من شعبيته.
وبررت الحكومة المغربية منع الفيلم بكونه "يتضمن إساءة أخلاقية جسيمة للقيم وللمرأة المغربية ومس صريح بصورة المغرب"، حسب بيان لوزارة الاتصال، مؤكدة أن "السلطات المغربية المختصة قررت عدم السماح بالترخيص لعرض الفيلم."
فنانون ومثقفون يشجبون المنع
شجب فنانون ومثقفون في عريضة نشرت على الإنترنت ما اعتبروه "القرار اللاقانوني، المسبق والمتحيز، الصادر عن وزير الاتصال المغربي، والقاضي بمنع الفيلم من التداول، حتى قبل إقدام صاحبه على طلب الترخيص بعرضه".
وحذرت العريضة التي جاءت تحت عنوان "نعم للنقد البناء...لا للتشهير" من "الهجمة الشرسة التي تستهدف الأشخاص، بسبب آرائهم أو إبداعاتهم الفنية، وتحرض ضد سلامتهم البدنية »، وحملوا الدولة عواقب ذلك.
وأعلن الموقعون انحيازهم "لصالح النقد البناء، والارتقاء بالنقاش بعيدا عن أساليب التشهير، والتحريض، وإشاعة الكراهية، التي تعتمد مبررات أخلاقية مزعومة، ولا تقيم اعتبارا لحرية الفكر والإبداع، ولا تتسامح معها في أي مجال من مجالات الإنتاج الفكري والجمالي".
من جهته، اعتبر المكتب التنفيذي "للغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام" المستقلة "قرار المنع غير قانوني لكون القانون الجاري به العمل يمنح حق اتخاذ مثل هذا القرار للجنة خاصة مستقلة تجتمع داخل المركز السينمائي المغربي بطلب من منتج أو موزع الفيلم المعني، ولا يتعلق الأمر بـ"فريق من المركز السينمائي شاهد الفيلم بمهرجان سينمائي"...، واصفا القرار بـ"غير ديمقراطي".
الخنوسي: "موقف متشدد تجاه الفن"
في تعليق منه على قرار المنع، اعتبر الإعلامي ومدير موقع "
فن نيوز" جمال الخنوسي، في اتصال مع فرانس 24، أن "الحكومة أبانت منذ البدايات الأولى عن موقف متشدد اتجاه الفن والإبداع، وهذا تصرف منطقي، بالنسبة إلينا، لموقف حزب العدالة والتنمية، وذراعه الدعوي حركة "الإصلاح والتوحيد"، من الإبداع والفن عموما، يعكسه موقفه مثلا من السينما ومن الموسيقى (مهرجان موازين)".
وتابع، منتقدا وزير الاتصال، أن "مصطفى الخلفي، يستحق لقب وزير المنع حيث أنه تكلف مرات عديدة بمنع مطبوعات، ومنع فيلم ريدلي سكوت "الخروج: آلهة وملوك"، والآن هو يمنع فيلما سينمائيا لم يطلب صاحبه حتى الترخيص للعرض في المغرب وبعدها تخرج الحكومة لتحتج على تصنيف بلادنا في مرتبات متأخرة في مؤشر حرية التعبير".
وأبدى الخنوسي استغرابه من "ديباجة قرار المنع الذي صاغته وزارة الاتصال"، موضحا أنه "يتحدث عن أمور فضفاضة يمكن أن تبرر أي شيء مثل "الحفاظ على صورة المرأة"، و"لجنة" مجهولة شاهدت الفيلم، وهي أمور عبثية غير مفهومة في دولة يجب أن تحتكم إلى الحق والقانون" بحسب قوله.
وخلص الخنوسي إلى أن "الحكومة أضاعت على المغرب فرصة فتح نقاش مجتمعي حول الفن والإبداع من جهة وحول آفة لها بعد إنساني خطير هي الدعارة".
ويرى الكاتب بلقاسم سداين، في تصريح لفرانس 24، أن "الفيلم تصوير للواقع و تصوير للحقائق، لأن ما جاء به من مشاهد اجتماعية موجودة و ليست خيالية. و الواقع المغربي يضج بها، وباعتبار السينما فن راق تصويري للواقع هذا دورها".
وزاد متابعا "من لا يريد أن يتعرى هذا الواقع كمن يرفض رؤية وجهه في المرآة لأنه قبيح وغير جميل، وهو بذلك رسالة للمسؤولين للإصلاح ..وعدم تغطية الشمس بالغربال".
شاركنا رأيك وكن اول من يقوم بالتعليق :)[ 0 ]
إرسال تعليق